يحل في العشرين من فبراير من كل عام اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، والذي يمثل فرصة للتذكير بأهمية العدالة الاجتماعية كأساس للتعايش السلمي في الدولة الحديثة، والكويت تعاني من اختلال في ميزان العدالة الاجتماعية يتضح من مشاكل الإسكان والتوظيف وظروف الكويتيين البدون والعمالة الوافدة، وهي مشاكل تمس الشباب مباشرة ومستقبلهم وتستدعي حلولا جذرية.
إن العدالة الاجتماعية تعني التوزيع العادل للدخل والثروة في المجتمع، وضمان فرص متكافئة للجميع للعمل وتحقيق الذات، ولا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية في ظل الفوضى والفساد في الدولة ناهيك عن الارتفاع الحاد في أسعار العقار نتيجة الاحتكار والمضاربات، مما يجعل تكلفة امتلاك منزل لائق خارج متناول الأغلبية الساحقة من الشباب.كذلك تعترض تحقيق العدالة الاجتماعية في الكويت معوقات تتصل بتوظيف الشباب، حيث يمثل المسرحون من وظائف القطاع الخاص قضية لا يمكن تجاوزها، تضاف إلى مشكلتي البطالة السافرة والمقنعة، وهما مشكلتان مزمنتان في الكويت، علما بأن مشاكل التوظيف هذه يمكن أن تتفاقم في حال الفشل في معالجتها الآن.
ونشير أيضا لمأساة الشباب الكويتيين البدون، والذي ينتمون لطبقة مسحوقة ، تتم الاستفادة من قوة عملهم بأبخس الأجور، وذلك جراء غياب مقومات الحياة الكريمة والوضع القانوني السليم الذي يمكن أن يوفر للكويتيين البدون بديلا عن أن يكونوا ضحايا الاستغلال البشع.
ولا نغفل هنا أوضاع العمالة الوافدة في الكويت، والتي تمثل قوة العمل الأكبر في الاقتصاد، والتي تفتقر أيضا للقوانين الضامنة لحقوقها الاجتماعية، خصوصا وأن أغلبهم يعمل في القطاع الخاص الساعي للربح بأي طريقة، كما أن نظام الكفيل المعمول به في الكويت يعرض العامل الوافد لخطر الابتزاز من الكفيل وتجار الإقامات، وهي الممارسات المخلة بالعدالة الاجتماعية وبحرية العامل في التنقل واختيار الوظيفة.
ونحن في “اتحاد الشباب الديمقراطي الكويتي” إذ نشير لهذه القضايا فذلك بغرض ضرب الأمثلة لا الحصر، فمعوقات تحقيق العدالة الاجتماعية في الكويت كثيرة، ومرتبطة بالبنية الاقتصادية والسياسية، حيث تمثل بعض نشاطات القطاع الخاص استنزافا للثروة الوطنية لصالح مراكمة الثروات في يد القلة، إضافة لوجود سلطة تنفيذية تسير في طريق خصخصة قطاع الدولة وصولا لتصفيته نهائيا، مما يعني مزيدا من الارتهان لقطاع خاص غير منتج ولا يوفر فرص عمل كافية ولا تدخل العدالة الاجتماعية ضمن أولوياته.
أما البدائل التي نراها لتحقيق العدالة الاجتماعية فتشمل مكافحة الفساد في قطاع الدولة بغرض وقف الهدر في المال العام وتوجيهه للتنمية الاجتماعية، إضافة لتعزيز الديمقراطية والرقابة الشعبية داخل مختلف الجهات التابعة للدولة، كذلك ندعو لتبني إستراتيجية اقتصادية تحول الاقتصاد الكويتي من ريعي تابع إلى وطني مستقل ومنتج، وذلك بتطوير الصناعة المحلية ورأس المال البشري وتنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط، وللتوسع في هذه الجوانب وغيرها .
ونختم بالاقتباس من قرار الأمم المتحدة الذي أقر العشرين من فبراير من كل عام يوما عالميا للعدالة الاجتماعية، ونقول بأن “لا غنى عن التنمية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية لتحقيق السلام والأمن وصونهما داخل الدول وفيما بينها، وأن لا سبيل بالتالي إلى بلوغ التنمية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية دون أن يسود السلام والأمن ويشيع احترام جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية.”
الكويت في 20 فبراير 2020

مناقشة
التعليقات مغلقة.