
كما هو معلوم وكما تؤكده الدراسات في علم الإنسان ( الانثروبولوجي ) و علم الإجتماع بأن تطور و رقي المجتمعات على مر التاريخ مرهون بتطور الأنظمة الإقتصادية فيها .
و هذه الأنظمة الإقتصادية هي التي ترسم ملامح المجتمع من حيث تنظيماته و تقسيماته التي من شأنها أن ترفع من قدر الإنسان أو أن تحط من قدره
و هي التي من الممكن أن تزرع في الانسان أو تظهر فيه بعض الصفات منها المحمودة و منها المذمومة
إن النظام الاقتصادي الذي يقوم على إستغلال الإنسان إستغلالاً سواءً كان ظاهراً أو خفياً هو الأساس و المحرك لتنمية النزعة الأنانية في الإنسان
بحيث يجعل الإنسان يهتم في رفعة نفسه فقط ولا يلتفت إلى المجتمع الذي يعيش فيه فيصبح عمله فردياً لا جماعياً و كما يجعل هذا الإنسان لا يلتفت إلى الجوانب الثقافية و الفكرية أو أن يهملها وهي التي من شأنها أن تثبط تنامي هذه النزعة الأنانية فيه .
و هذا النظام يجعل فكر هذا الإنسان متمركزاً في نفسه فتصبح هذه الأنانية المفروضة عليه فرضاً هي الغالبة و المسيطرة على نفسه و على تصرفاته و تحركاته و تنسيه دوره في هذا المجتمع
و هذه النزعة الأنانية لا ترتقي بالإنسان و تصلح حاله بل تعزز فيه بعض القيم الحيوانية التي تقوم على قانون البقاء للأصلح أو الأقوى ( قانون الغاب) و بذلك تكون التنافسية في هذا المجتمع تنافسية مغلوطة و مشوهة ولا يحمد عقباها .
و نتيجةً لذلك لا يرتقي المجتمع
ولا ترتقي القيم الإنسانية فيه
فيصبح بذلك الإنسان مادياً بالمعنى الرأسمالي ( الذي يقدس الأجر أو المادة التي من الممكن أن تشبع بطنه ولكنها لا تلبي جميع إحتياجاته )
و يُمَنيه هذا النظام الإقتصادي الإستغلالي بأمنيات صعبة المنال و هي الغنى
و هو بدوره لا يستطيع حتى أن يوفر أو يدخر لأن كل ما يجنيه سوف يذهب إلى أصحاب رؤوس الأموال الأخرين و لن يكون بذلك إلا أداة لهم لزيادة أموالهم و سرقة جهوده .
و بذلك
لن يكون مآله إلا الجمود في حالته المادية لأنه يدور في حلقة دائرية منتهاها هو بدايتها
“الأغنياء يزدادون غنى لأن الفقراء يزدادون فقراً”
ولذلك يجب على كل إنسان أن يدرس و أن يثقف نفسه بشتى الطرق المتاحة حتى لا يكون لقمة سائغة أو أداة لأصحاب رؤوس الأموال التي هي بدورها تستغل الإنسان بأي وسيلة بدون إعتبار لإنسانيته فقط بل لزيادة رؤوس أموالهم و سيطرتهم و هم بذلك يصبحون كالطغاة ولكن بصورة أخرى أو بالأحرى مقنعة .
“الغاية تبرر الوسيلة ” ماكافيلي
وهذا ديدن الطغاة.
م.عبدالله الزيد
مناقشة
التعليقات مغلقة.