كتب الزميل عمر البلوشي المقال أدناه من واقع مشاهداته خلال زيارة “ملتقى الشباب الديمقراطي” التضامنية لمنطقة تيماء بتاريخ 5 يناير 2012، ويكرر الملتقى شكره للإخوة الكويتيين البدون الذين كانوا خير عون في إنجاح هذه الزيارة.
تيماء…
في زيارة لم تتعد الثلاث ساعات في بعض أحياء تيماء، وعلى الرغم من معرفتي السابقة بمعاناة إخواننا الكويتيين البدون، إلا أن جرحي زاد غورا.
أول أمر أريد أن أصفه هو تردي خدمات المنطقة بشتى أنواعها، الصحية والتعليمية والاستهلاكية (كالجمعيات)، حتى الأطفال تجدهم يسلّون أنفسهم باقدم الألعاب ويحاولون تسلية أنفسهم قدر المستطاع حتى ولو بألعاب مهترئة مكسورة، وأعلم أن الموضوع قد تم الحديث فيه، وتداوله العديد من الصحفيين وبرامج التلفزيون، إلا أنه يتوجب عليّ أن أذكر ما رأيت وأبدي رأيي حول مقدار الأسى والظلم الواقع على الكويتيين البدون.
ورغم ظروف السكن الصعبة تم استقبالنا في أحد دواوين أهل المنطقة لشرح معاناة الكويتيين البدون، ووجدنا من رحابة الصدر وحفاوة الاستقبال ما جعلنا نشعر بأننا لم نغادر منازلنا للقيام بهذه الجولة، وصدق المثل القائل “البيوت بأهلها”، فصِغَر المنازل لم يثن أهلها عن تقديم كرمهم واستقبالهم لنا كأخوة، ورأينا قبل أن نسمع منهم الماساة التي يعيشونها كل يوم وعلى مدى عقود من الزمن، فعلى سبيل المثال لا توفَر لهم لا شهادات وفاة ولا شهادات ميلاد إلا بعد فحص الجين الوراثي، وهي عملية مكلِفة ومرهقة لكاهل رب الاسرة، وبعد ذلك يُطلب منه رفع قضية لإثبات نسب المولود للحصول على وثائق المولود الثبوتية.
إذا مررت على المنازل تجدها ذات طابع واحد أو شكل واحد، هي عبارة عن منازل بمساحة 200 متر تقطنها ما يقارب ثلاث أو اربع أسر، حيث يستحيل على رب الأسرة أن يقوم ببناء دور آخر لأن الأساسات ركيكة وهزيلة مما قد يؤدي لنتائج كارثية، كسقوط المنازل على أهلها، وإن أراد رب الأسرة أن يقوم بتوسعة فإنه يُضطر لمخالفة قانون البلدية ويقوم بإنشاء غرف بمساحة لا تتعدى المترين المربعين فقط للتخفيف من ضيق مساحة المنازل.
بالنسبة للحالة المادية للأفراد فإن أغلب الشباب الكويتيين البدون إما أن يكونوا باعة متجولين أو موظفي أمن، وبمدخول لا يتجاوز المئتي دينار، وإن كان عائل الأسرة في وزارة الداخلية أو الدفاع فإن الوضع المادي يكون أفضل نوعا ما من الأسر الأخرى، لكن الحكومة تأبى إلا أن تمارس بطشها بتهديد موظفي الداخلية والدفاع بسحب بيوتهم وفصلهم من وظائفهم إن خرج أولادهم بمظاهرات للمطالبة بحقوقهم.
العجيب في الأمر أنه عند خروج الشباب الكويتيين البدون في أولى مظاهراتهم حصلوا على قرار بضمان 11 “ميزة” ساهمت في تحسين أوضاع الكويتيين البدون، منها بندان طبقا فعلا، هما بند الطبابة المجانية وبند التموين، أما باقي البنود فهي حبر على ورق.
في الختام نقول بأن الحقوق لا تُعطى بل تُنتزع، والمطالبة المستمرة بحقوق الكويتيين البدون عبر المظاهرات والمسيرات، وإقامة ندوات لتعريف المجتمع بحقوقهم المسلوبة وإيصال صوتهم لأغلبية الكويتيين، كل ذلك لا بد أن يأتي بنتيجة ويحل مشكلتهم وينهي معاناتهم اليومية.
عمر البلوشي
بعض الصور من الزيارة التضامنية لمنطقة تيماء:
ملتقى الشباب الديمقراطي
مناقشة
التعليقات مغلقة.