تقرأ الآن
Uncategorized

رؤيتنا

تنطلق رؤية ملتقى الشباب الديمقراطي في الكويت من كون الشباب هم القوة الفاعلة في المجتمع، وذلك من حيث قدرتهم على العطاء وتطلعهم نحو التغيير الاجتماعي والسياسي، كذلك من حيث بعدهم نسبيا عن الأمراض الاجتماعية والتعصبات التي تعاني منها باقي فئات المجتمع والتي لم يتسن لها بعد التجذر بالدرجة نفسها في الشباب، لذلك فإن التوجه للشباب بالاهتمام والتوعية والتنظيم يمثل استثمارا ناجحا في فئة قابلة للتطور وقادرة على التغيير.

ويمثل الاهتمام بالشباب ثقافيا أمرا مهما لأن الثقافة رافد أساسي لبناء مجتمع متطور وحر، وتواجه ثقافتنا في الكويت تحديين أساسيين هما الانغلاق الثقافي بسبب التزمت الديني والاجتماعي، وشيوع الثقافة الاستهلاكية المصاحبة للرأسمالية، ولابد من مواجهة كلا التحديين عبر الانفتاح على الثقافات الإنسانية الأخرى والاستفادة منها، إضافة إلى بناء ثقافة جادة جاذبة تمثل بديلا عن ضحالة الثقافة الاستهلاكية التي تشيع بين الشباب وتسفّه عقولهم وتسطّح طموحاتهم، كما يجب تشجيع الشباب على العمل المنتج وعلى القيام بمسؤولياتهم تجاه مجتمعهم، وإن تحقيق التطور الثقافي للشباب يتطلب تشجيعهم على الإبداع الأدبي والفني الجاد من واقع تجاربهم الحياتية وتراثهم الثقافي المحلي والعربي، دون ابتذال ولا تسليع للمنتج الثقافي، فبذلك تصبح ثقافتنا بحق تعبيرا عن قدرات شبابنا الخلاقة.

أما في الجانب الرياضي والجسماني فمطلوب رعاية هوايات الشباب عبر توفير المنشآت والفعاليات التي تستوعب طاقاتهم وتنميها بشكل صحي، والالتفات لجميع الرياضات وليس فقط الرياضات ذات الشعبية الكبرى، فالمواهب الرياضية كافة تستحق الاحترام والاحتفاء، بالإضافة للاهتمام بنمط حياة المجتمع الكويتي ومكافحة أمراض الثقافة الاستهلاكية مثل الخمول وزيادة الوزن، وتلك الأخيرة بلغت اليوم نسبا مرعبة في الكويت تتجاوز الـ 80% ، بحيث تكون الكويت ضمن أعلى خمس دول في العالم في نسبة زيادة الوزن (1)، لذلك ندعو لأخذ الرياضة وأنماط الحياة الصحية بجدية أكبر، كما ندعو لتبني نمط الحياة المنتج سواء في الوظيفة أو في الحياة العامة، وتقدير العمل الإنتاجي والعمل اليدوي وعدم التكدس في الوظائف الإدارية والمكتبية التي تشجع على الخمول الجسدي والاستهلاك المفرط، وعمليا فلابد من إصلاح القطاع الرياضي في الكويت وإبعاده عن صراعات من في السلطة السياسية وتدخلات أبناء الأسرة الحاكمة، فالرياضة نشاط إنساني وإدارتها يجب أن تكون شعبية ديمقراطية، في الوقت نفسه فإننا ندعو لإبعاد الرياضة عن التسليع عبر رفض خصخصتها حتى لا تكون الرياضة حكرا على المقتدرين وحتى لا يكون هدف الرياضة الأساسي هو الربح على حساب حاجات الشباب الأوسع، وحتى لا تكون إدارة الرياضة حكرا على أصحاب رأس المال.

كما أن من أهم الأولويات تسليط الضوء على المعاناة المعيشية للشباب في التعليم والتوظيف والسكن وتضخم الأسعار، بصفة الشباب جزءا من المجتمع الأوسع الذي تعاني طبقته العاملة وفئاته الشعبية من المتاعب المادية، فلابد من حل أزمة التعليم الجامعي التي تهدد بحرمان الطلبة المستحقين للقبول من الدراسة، ولابد من إتاحة البعثات الخارجية لخريجي الجامعات الخاصة، إلى جانب مناهضة النزعة الاستغلالية والتجارية في الجامعات والمدارس الخاصة وضبط مستواها الأكاديمي وتكاليفها، إضافة لإتاحة الخيار بشأن التعليم المشترك في التعليم العام والخاص بحيث لا يتم فرض نمط تعليمي واحد على الجميع من دون احترام لحرية الاختيار، أما في التوظيف فإن قلة الفرص الوظيفية باتت هاجسا منتشرا بين الشباب، فمعدل البطالة عام 2011 وصل لـ 14,946 كويتي عاطل عن العمل لمدة تفوق الستة شهور (2)، هذه طاقات إنسانية مهدرة يمكن الاستفادة منها لو تم توفير فرص وظيفية جدية للعاطلين، ناهيك عن البطالة المقنعة التي تتطلب تحسين الإدارة وزيادة الاستثمار في البلد وتكويت العمالة وتوطينها لخلق فرص وظيفية جدية للشباب، أما في المسألة الإسكانية فإن تراكم أكثر من 95000 طلب إسكاني عند الحكومة حتى الآن مؤشر خطير على أزمة تمس الأغلبية الساحقة من الشباب (3)، وفي ظل ارتفاع مبالغ فيه في أسعار العقار فإن الشباب عاجز عن توفير أحد مقومات الحياة المريحة في وطنه، أي السكن، فلابد من تحرك شعبي عام حول أزمة الإسكان يهدف لتطوير عملية توزيع الأراضي السكنية وكسر احتكارات الأراضي وتخفيض تكاليف البناء، وهناك أيضا موضوع التضخم أو الارتفاع في الأسعار الذي وصل لـ 28% في الفترة من 2007 إلى 2012 (4)، فلابد من أخذ هذا الارتفاع في الأسعار بالاعتبار حين تعديل هيكل الأجور في القطاعين الخاص والعام، ومن المرفوض إلقاء عبئ الارتفاع في الأسعار على كاهل الشباب العامل، ولا ننسى تلوث البيئة كخطر جدي لا يمكن تهميشه، فواجب هنا تطبيق المعايير العالمية للحفاظ على البيئة ومعاقبة ملوّثي البيئة بصرامة، خصوصا الملوّثين من المؤسسات العامة والخاصة.

ويهمنا هنا أن نؤكد أن تخفيف هذه الهموم المعيشية يتطلب تغييرا إداريا وسياسيا واقتصاديا كبيرا في الكويت، وهذا التغيير يقوم على رفض احتكار الإدارة العامة في البلد على مجموعة أشخاص، بل من الضروري محاسبة من هم في الإدارة العامة على تقصيرهم ومكافأتهم إن أحسنوا، وهو ما يتطلب استكمال ديمقراطيتنا السياسية حتى نتمكن من إدارة وطننا بأنفسنا، وهذه الديمقراطية تمتد من مجلس الأمة إلى مختلف قطاعات الدولة بحيث تتم محاسبة المقصّر من قبل أصحاب الشأن، وهو الأمر الذي سيساعد في مكافحة جمود البيروقراطية والإفراط في المركزية، ويمثل التغيير الاقتصادي رافدا أساسيا لتخفيف هموم الشباب المعيشية حيث المطلوب تطوير الاقتصاد الوطني باتجاه الاستقلال عن التبعية للاقتصاد الرأسمالي العالمي، وتنويع مصادر الدخل حتى لا نكون مجرد بئر نفطية للدول الكبرى، وهو ما يتطلب خلق قاعدة صناعية متوافقة مع إمكانات الكويت يمكن أن ترفد الاقتصاد بقيمة مضافة وثروات مستدامة غير نفطية، كما سيوفر التصنيع في ظل سياسية عادلة اجتماعيا في توزيع الدخل فرص عمل للشباب تتجاوز العمل المكتبي والإداري، ويتجاوز بنية الاقتصاد القائم على استغلال العمالة الوافدة واضطهادها.

وإن هذه الرؤية للتغيير تمثل بديلا جديا عن التصفية النهائية للقطاع العام ودور الدولة في الاقتصاد عبر الخصخصة وتبعاتها التي يروجها البعض كحل لأزماتنا المعيشية وضعف الإدارة العامة، فالخصخصة ليست علاجا بل هي داء جديد سيضاعف مشكلاتنا ويخلق لنا مشكلات جديدة، خصوصا من ناحية سيطرة طبقة معينة على الثروة الوطنية وعلى مصير العمالة الوطنية وهو ما يتنافى مع العدالة الاجتماعية، ولنا في تجربة تسريح الشباب الكويتي من القطاع الخاص مثال، حيث وصل عدد المسرحين جراء أزمة 2008 الرأسمالية العالمية إلى 1,460 مواطنا (5)، ناهيك عن العمالة المقيمة والوافدة التي تُهجّر وتنقطع بها السبل نتيجة فشل القطاع الخاص، فلا يجب أن نلجأ للخصخصة وإطلاق يد السوق لأنهما لا يقومان إلا على مبدأ الربح، ونحن ننشد مجتمعا قائما على إشباع الحاجات الأساسية للبشر وعلى الاكتفاء الذاتي وعلى العدالة الاجتماعية، فالأولى أن نُقيّد مبدأ الربح حين تعارضه مع قيمنا الإنسانية لا أن نُسيّده علينا.

وكمواطنين شباب في هذا الوطن فإن لنا حقوق المواطنة وعلينا مسؤولياتها، فمن واجبنا المساهمة في تطوير العمل السياسي عبر مشاركة الشباب في ممارسة السياسة بأنفسهم بدل توكيلها بإفراط للآخرين، وممارسة السياسة من قبل الشباب تتطلب تمكينهم قانونيا من التصويت في الانتخابات، لذلك نرى بأن خفض سن الناخب لـ 18 سنة أولوية سياسية، لكن ممارسة السياسة بشكل صحي تتطلب فكرا نيّرا قائم على التفكير العلمي والمنطقي وليس التبعية العمياء للغير أو التعصب أو الانغلاق الفكري، كما تتطلب أيضا الممارسة السياسية الصحية فكرا يستوعب الديمقراطية ليس كآلية سياسية فحسب بل كنمط حياة وتعامل مع شركاء الوطن، لذلك فإن تنمية قيم التسامح مع الآخر والدفع باتجاه المساواة القانونية والاجتماعية بين الجنسين تمثل دعامات أساسية لرؤيتنا السياسية، كما تتطلب الممارسة السياسية الصحيحة الانفتاح على العمل السياسي والنقابي المنظم والمشاركة فيه، ولا يصح في هذا المقام تجاهل مأساة الكويتيين البدون التي تتطلب حلا فوريا ونهائيا وشاملا لإنصاف أكثر من 100,006 إنسان في الكويت يعاني الحرمان من حقوق المواطنة (6)، وفي الوقت الحالي يجب ضمان حق الكويتيين البدون في اللجوء للقضاء للفصل في منازعات الجنسية، وكذلك منحهم حق التجمع السلمي ووضع حد لاستخدام القوة المفرطة ضدهم والتحقيق في ادعاءاتهم بشأن انتهاكات قوات الأمن ضدهم، إضافة إلى تحسين الوضع الإنساني للكويتيين البدون عبر توفير فرص عمل مجزية لهم وتمكينهم من التعليم في المؤسسات العامة حتى أعلى المستويات وتوفير الخدمة الصحية، إضافة إلى توفير البنية التحتية السليمة والصحية لمناطق سكن الكويتيين البدون، فلا يجوز أن يستمر الكويتيون البدون كطبقة مسحوقة تخل بميزان العدالة الاجتماعية وتسمح بمزيد من التفاوت الطبقي والتعصب الاجتماعي بيننا، وفي هذا المجال يجب تشريع حماية العمالة الوافدة والمقيمة وضمان حقوقها في العمل وفي الحياة الكريمة في الكويت، ومن المهم تجاوز حدود الكويت الضيقة للاطلاع على نضالات الشباب والشعوب العربية والعالمية من أجل التحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والاستفادة من هذه التجارب والتضامن معها، والتضامن خاصة مع القضية الفلسطينية.

وأخيرا فإنه يمكن جمع ما سبق التطرق إليه في جوانب الثقافة والرياضة والهموم المعيشية والفكر والسياسة، يمكن جمع كل ذلك في إطار مشروع لبناءعلاقات إنسانية سليمة بين الشباب في الكويت، فنحن ننشد شبابا متسامحا مع من يختلف معه ويرفض رفضا مبدئيا التعصب القبلي والمذهبي والتزمت الديني، كما يؤمن إيمانا راسخا بالمساواة بين الجنسين وبأهمية تطوير نظرة المجتمع للمرأة كإنسانة كاملة وبدعم المرأة لتتسلم بنفسها المكانة التي تستحق في المجتمع، وننشد شبابا يضع العدالة الاجتماعية نصب عينيه كضمانة لمجتمع متطور وناجح بعيد عن التمييز الطبقي، وعملية خلق هذه العلاقات الإنسانية السليمة عملية متواصلة يتطور عبرها الشباب بتعاونهم وإخلاصهم، والأمل أن يساهم هذا الشباب الفعال لاحقا في إصلاح المجتمع الأوسع عبر انخراطهم الفاعل فيه وعبر تمثيلهم لبديل واقعي عن المجتمع القائم.

وإذا أردنا أن نختصر رؤيتنا في نقاط فيمكن عرضها كالتالي:

1- الانفتاح على الثقافات الإنسانية كافة ورفض التضييق الثقافي بسبب التزمت والانغلاق.

2- خلق بدائل جادة عن الثقافة الرأسمالية الاستهلاكية.

3- تطوير مواهب الشباب الأدبية والفنية.

4- الاهتمام بالرياضة، وخصوصا الرياضات التي لا تنال نصيبها من الاهتمام الرسمي والإعلامي.

5- ترويج نمط الحياة الصحي والمنتج كبديل عن نمط الحياة الاستهلاكي والخامل.

6- رفض خصخصة الرياضة لأن الرياضة نشاط إنساني يجب أن يكون متاحا للجميع بغض النظر عن قدراتهم المادية أو أهواء المستثمرين.

7- تحسين مستوى التعليم، ومعالجة قلة المقاعد الجامعية، وشمول البعثات الخارجية لخريجي الجامعات الخاصة، وضبط تكاليف التعليم الخاص وجودته، وإتاحة الفرصة لاختيار التعليم المشترك أو المنفصل للجنسين وعدم فرض نموذج واحد على المجتمع بأكمله.

8- معالجة مشكلة البطالة والمسرّحين من القطاع الخاص، وكذلك مشكلة البطالة المقنعة.

9- حل أزمة السكن عبر تطوير عملية توزيع الأراضي وكسر احتكارات الأراضي وخفض تكاليف البناء.

10- ربط هيكل الأجور بنسب التضخم أو ارتفاع الأسعار.

11- معالجة تلوث البيئة كخطر جدي وتطبيق المعايير العالمية للحفاظ على البيئة ومعاقبة ملوثيها بصرامة.

12- رفض الخصخصة كحل لمشاكلنا الاقتصادية والالتفات لحلول بديلة مثل تطوير طرق الإدارة في القطاع العام، وزيادة الديمقراطية داخل المؤسسات العامة، وزيادة استثمار الدولة لخلق فرص وظيفية منتجة في القطاع العام، واستكمال الديمقراطية السياسية لتحسين الإدارة العليا في الدولة.

13- وضع العدالة الاجتماعية كهدف مركزي في السياسات الاقتصادية والاجتماعية.

14- تمكين الشباب سياسيا عبر خفض سن الناخب لـ 18 سنة.

15- تشجيع الشباب على الاهتمام بالعمل السياسي والنقابي المنظم.

16- حل قضية البدون حلا سريعا ونهائيا وعادلا وتوفير مقومات الحياة الكريمة لهم فورا مثل سكن لائق وصحة وتعليم.

17- الاهتمام بنضالات الشباب والشعوب العربية والعالمية من أجل التحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتضامن ومعها.

18- خلق علاقات إنسانية بين الشباب قائمة على احترام الاختلاف ونبذ التعصب القبلي والمذهبي والتزمت الديني والتمييز الجنسي والطبقي.


[1]  Savodnik, Peter. “Besity, the Other Gulf War Syndrom.” Blumberg Business Week. Accessed 20 September 2012.http://www.businessweek.com/articles/2012-06-21/obesity-the-other-gulf-war-syndrome

[2]  اللمحة الإحصائية 2012 – العدد 35، جدول “المتعطلون الكويتيون حسب النوع ومدة التعطل”، الإدارة المركزية للإحصاء بدولة الكويت، تاريخ النشر غير متوفر.

[3]  ”طلبات الإسكان المتراكمة تجاوزت 93 طلبا”، صحيفة النهار، العدد 1341 بتاريخ 7 سبتمبر 2011.

[4]  جدول A: مؤشرات اقتصادية ونقدية أساسية، التقريران الربع سنويان لمارس 2012 ولسبتمبر 2011 ، البنك المركزي الكويتي، متوفران على موقع البنك الإلكتروني.

[5]  ”إعادة الهيكلة: حريصون على القيام بدورنا تجاه المواطنين المسرحين من ‘الخاص’ “، صحيفة القبس، العدد 14075 بتاريخ 5 أغسطس 2012.

[6]  ”سجناء الماضي: البدون في الكويت وعبء العيش بلا جنسية”، منظمة هيومن رايتس ووتش، صادر في 2011 في الولايات المتحدة الأميركية، ص3، يمكن تحميل التقرير مجانا هنا:http://www.hrw.org/sites/default/files/reports/kuwait0611arWebVersionInside.pdf

مناقشة

التعليقات مغلقة.

من نحن؟

اتحاد الشباب الديمقراطي الكويتي، منظمة من الشباب والشابات المؤمنين بقيم الديمقراطية والعدالة الإجتماعية والتسامح، والعاملين من أجل تطوير الذات، والهادفين لترسيخ هذه الممارسات في أوساط الشباب عبر توفير بيئة صحية خالية من التعصب القبلي والمذهبي والتزمت الديني، وخالية من التمييز الجنسي والطبقي، بحيث يمكن للشباب الإلتقاء في ظل هذه البيئة والتداول في شؤونهم وشؤون مجتمعهم. منظمة تناضل مع الشباب و من أجله لتأمين حقوقهم ولرفع مستوى وعيهم وإشراكهم في الحياة العامة بهدف إصلاح الواقع السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي.

%d مدونون معجبون بهذه: